koky عضو VIB
البلد : مصر عدد المساهمات : 444 نقاط النشاط : 1336 تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: البهرة في قلب القاهرة الأحد مايو 20, 2012 8:04 am | |
| [size=12]البهرة في قلب القاهرة
تحقيق سامي كمال الدين الأهرام العربي 9/8/2003 "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا لكم نورا مبيناً" هل هناك علاقه بين هذه الآية المعلقة في إطار جميل في سوبر ماركت بجوار جامع المعزلدين الله الفاطمي, الذي يملكه رجل باكستاني ينتمي إلى طائفة البهرة, ويتحدث اللغة العربية, وبين محمد برهان الدين المسئول عن البهرة في العالم الذي قال عنه إمام المسجد أنه لو أتى إلى مصر فإنه يحمل على خشب, وإن لامس طرف ثوبه الأرض فإن البهرة يجمعون هذا التراب ويلقونه على أجسادهم تبركا به.
تراب الزعيم بركة.. والصلاة لها طقوسها الخاصة[/size] البهرة ينتمون إلى دول عدة كالهند وباكستان وإيران, وجاءوا إلى القاهرة عام1979 بهدف ترميم بعض المساجد الفاطمية, وقد وافق الرئيس الراحل أنور السادات على وجودهم, بل افتتح ترميم مسجد الحاكم بأمر الله معهم عام1980. ويدعي البهرة أنهم أحفاد الفاطميين وأن هدفهم البحث عن رفاة أجدادهم, وكلمة بهرة أطلقت عليهم نتيجة العلاقات التجارية التي تربط الهنود والشيعه بمصر واليمن, وهم ينتمون إلى طائفة الإسماعيلية التي تنتسب إلى إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق وتعتبر الإمامة من نسله, ولا يعترفون بالإمام موسي الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق, وهو الإمام السابع عند الشيعة الإمامية. والشيعة الإسماعيلية قسمان: المستعلية وهم البهرة, والنزارية وهم الآغاخانية.. والذي أحدث هذا الانقسام المستنصر بالله الفاطمي عام487 ه. الحكاية تقول لنا إن الخليفة المستنصر كان له عدة أولاد منهم نزار ومحمد وعبدالله وإسماعيل وحيدرة وأحمد, وكما هي العادة فقد كان وزير المستنصر بدر الجمالي الذي هدم أبواب القاهرة يسير أمور الدولة التي نقلها إلى ولده الأفضل من بعده, وما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم, والغريب أن الأفضل وأباه بدر كانا ينتميان إلى مذهب يختلف عن مذهب الدولة الفاطمية وهو الإمامية. الموضوع شائك وغريب, والدخول في تفاصيله متعب, ففور دخولك إلى جامع المعز سوف تجد نوعين من الأسراب: سرب محلق في السماء يطير بحرية وانطلاق, وهو الحمام الآمن في المسجد, وسرب من البهرة كلما تحركت في المسجد وجدتهم يعيشون آمنين في شقق ملتصقة بالمسجد وأبوابها تفتح على صحنه, ستجدهم في حالهم يمارسون طقوسهم دون السماح لأحد بالتدخل فيها, لذا فإنهم يخشون الصحافة ويرفضون الحديث مع أحد, ولا يتزاوجون إلا من بعضهم البعض, فالرجل لا يتزوج إلا من البهرة, وهي كذلك, حتى ملبسهم يختلف عن الملابس العادية. التقيت بأحدهم- صاحب مكتبه- وألقيت عليه السلام, فرفض أن يرد علي, ولما رحت أقترب منه أمام ورشة حدادة, أشار بيده إلى صاحب الورشة, فقلت له: يبدو أن الرجل يجهل العربية, فأجاب ببساطة وتلقائية: إنهم يخشون إقامة علاقات مع أحد, وأضاف: علاقات البهرة بالناس طيبة, وأبناؤهم يدرسون في الأزهر, ويقومون بترميم كل المساجد الفاطمية في مصر, ويهتمون بها ويسهمون في إدارتها. يردد الناس أشياء غريبة عن البهرة وأفكارهم التي تصل إلى حد الخرافات, منها أن هذه البئر الموجودة بوسط المسجد بئر مقدسة وأن الماء الذي يخرج منها مقدس تكفي جرعة واحدة منه لشفاء جميع الأمراض, وقد استخدمت هذه الخرافات بطريقة سلبية حين روجوا أن البهرة سيغتالون السادات أثناء افتتاح المسجد وأن البئر ليس بها ماء مقدس, بل أسلحة وقنابل ومتفجرات, ووسط ترتيبات أمنية عالية افتتح السادات المسجد دون حدوث أي مشكلة, والبهرة يفرشون المسجد في كل يوم خميس من كل أسبوع مثل يوم الجمعة عند الناس.. بل إن هناك من سارع بالقول بأن البهرة لا يقرأون القرآن ولا يعتبرونه دستورهم, وهذا قول خاطىء. ونساؤهم يقفن وراءهم يولولن بشكل غريب, وماداموا ينتمون إلى فرقة الإسماعيلية, فهم بطبيعة الأمر يؤمنون بأن الرسالة والخلافة حق لعلي بن أبي طالب, بل وتأليف سور من القرآن يدعون فيها فضل علي بن أبي طالب, وبالتالي يحولون صلواتهم إلى مآتم للبكاء على علي والغلو الشديد في تقديسه.
أما يوم عاشوراء, يوم الصوم والبهجة للمسلمين فيحوله البهرة إلى سواد حيث يرتدون الحداد الأسود, ويضربون صدورهم ويجرحون أنفسهم تعبيرا عن الأسى لمقتل الإمام الحسين, بل يستنكرون رمي الجمرات في الحج. في المسجد رفض العديد منهم الحديث إلى الصحافة, أما العامل المشرف على المسجد فقال: ما الذي تريدونه من البهرة؟ إنهم أناس طيبون, ولا يفعلون شيئا يغضب الله. عامل آخر في المسجد يدعى محمود علي قال: منهم من يسكن في المسجد, ومنهم من يسكن خارجه, وبخلاف السائد عنهم فإنهم يصلون في أي مسجد, وبعد الأذان العادي, ويتحدثون اللغة العربية. منازل البهرة ثلاثة أدوار داخل المسجد: دور أرضي به أربع دورات مياه عادية, أما الشقق فهي منظمة ومرتبة ترتيباً جيداً. خرجت من جامع المعز لدين الله الفاطمي الذي يرجع إنشاؤه إلى عام380 ه, حيث بدأ الخليفة العزيز بالله في بنائه وأتمه الخليفة الحاكم بأمر الله عام403 ه, وأعطيت ظهري لبوابه الفتوح, وسألت التجار الذين يبيعون ويشترون أمام المسجد, فقال لي أحدهم: طقوسهم غريبة وصلاتهم أغرب منهم, يضربون صدورهم بقبضات أيديهم ولا نعرف السر في ذلك, ثم إنهم لا يصلون معنا, بل يصلون وحدهم, أما عن علاقاتهم بالناس فلا دخل لهم بأحد. أما أحمد محمد علي ورمضان محمد محمود, وفرج محمود, وسيد حسين, وهم يعملون في بيع البصل أمام المسجد, فقد أجمعوا على أن البهرة يتعاملون ببساطة وتلقائية في البيع والشراء, وطبيعتهم في الكلام صعبة, وقال أحمد: في صلاتهم يقبلون أرض القبلة وهم ساجدون, ويقبلون الجدران, كما أن صلاتهم سريعة جداً, ولا نعرف كم فرضا يصلون, ويمارسون طقوساً غريبة في صلاة الفجر, ودائما يذهبون إلى الحسين والسيدة زينب, وهناك شخص كبير في السن يأتي في مولد كبير يحملونه ويقبلونه في كل جسمه, وإذا لامس جزء من جسده أو ثوبه الأرض فإنهم يلمون التراب ويضعونه على أجسادهم, ويقولون إنها البركة. كما أن هناك مكانا دائريا وسط المسجد يتوضأون منه ويقولون إنه ماء طاهر ومقدس, لأن جدهم مدفون أسفله, والماء يأتي من مجرى عميق, ويتوضأون وضوءاً تاما منه, وهو في الشتاء مياه ساخنة, وفي الصيف باردة عن طريق التحكم الكهربائي. ويقول رمضان محمد: إذا ذهبنا مع البهرة لحمل حاجياتهم أو الاهتمام بشئونهم المنزلية, فإنهم يراضوننا بفلوس كثيرة, ولهم فنادق كبيرة ومشروعات عديدة, ومنهم من يملك بيوتا في الظاهر, وهناك الشيخ نجم وبابا عبده, ويعملان في مصنع للفطائر والكيك, ونحن نتعامل معهم على أنهم سائحون. الرجل الذي وجدت عنده الآية الكريمة "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا لكم نورا مبينا", قال إنه درس الكيمياء ولا يعلم عن أمور الدين إلا أبسطها, وغير مسموح أن يتحدث في أمور الدين مع أحد, وقال: لكنك لو حضرت بعد شهر فسوف أحضر لك معلومات عن الطائفه من الهند. وعندما سألته عن سر كلمة "غير مسموح" تركني وعاد صامتا إلى أعماله وكأنه لا يسمعني, والشيء اللافت للنظر عند بوابتي الفتوح والنصر في باب الشعرية, أن الناس يتعاملون مع البهرة بسماحة غريبة, رغم أنهم يعرفون طقوسهم, ولا نعرف هل هو مبدأ البحث عن لقمة العيش, أم أن الشعب المصري- وهذا الأقرب للحقيقة- شعب يتعامل مع كل الديانات والطوائف ويتقبلها. | |
|